بناء الانسان ...
كتب الدكتور .محمد المعموري
من اصعب المهام لتي تواجه المجتمع هي كيف ان يتم بناء الانسان ، فنحن جميعا نعلم ان الانسان يحمل في طيات نفسه افكار عدة متضاربة او متصالحة مع المجتمع الا انها بالأساس افكار وهذه الافكار من الصعب ان تنقاد لتصب في " بودقة " واحد مالم يتم صهر تلك الافكار والتقلبات لتتماشى مع ما يتم التنظير له او التخطيط له لتكون جزءا فعالا في المجتمع ومن خلال هذا التخطيط والبناء سيتحول الانسان داخل المجتمع الى اداة فعاله ومؤثرة تستقطب في طياتها كل اعمال الخير لتصب في مصلحة المجتمع وبالتالي الارتقاء بحال البلد الى مكانة تفوق توقع المنظرين ...وعليه فإنني هنا افكر في الوسائل المهمة لبناء الانسان وتحويل افكاره الى مسار منتج ينفع المجتمع ويصبح فعال في تطوره .
نعم مهمة بناء الانسان صعبة جدا فهذه المهمة تعني ان يصبح الانسان داخل مجتمعه اداة فعاله وذلك بترك السلبيات او التجرد عن الطباع التي اكتسبها ليتحول من عنصر على الاقل " محايد " الى عنصر فعال ، وهنا اعتقد اول العوامل التي يجب ان نركز عليها لبناء الانسان هو بناء "المنظومة" الحازمة التي تستطيع ان تحافظ على تطبيق القانون بكل شدة وبدون تهاون لان تطبيق القانون يجبر الفرد في المجتمع على ان يتمشى مع القانون ( وهنا يجب الاشارة الى ان تشريع القانون لا يمكن ان يطبق في المجتمع مالم توجد اداة لتطبيقه ) ليتمكن من ايجاد فرصة جيدة للعيش بل للتعايش مع المجتمع ناهيك من ان اهم العوامل التي تساعد الفرد على تقبل القانون هو ان الانسان بطبيعة حاله يميل الى وسيله ما يقوم بها سلوكه وهنا تقويم السلوك في المجتمع هو ان نطبق القانون بل ان نشدد على تطبيق القانون ليتمكن المجتمع من النهوض بمهام تطوره ، "( واكيد يجب علينا ان لا ننسى الالتزام بتعاليم ، الدين )" وهنا يجب الاشارة ان ليس كل البشر قادر ان يستوعب قوانين السماء التي يجب ان يلتزم بها البشر ولأنها تعاليم سماوية فان شرط الالتزام بها يعتمد بالدرجة الاولى على الاختيار قوله تعالى ( وهديناه النجدين) واداة تطبيق القانون السماوي بمراقبة الانسان لذاته وهذا يحصل نتيجة تربية الفرد داخل عائلته ومن ثم مجتمعه الذي يعيش فيه وكذلك مقدار الايمان والتزام بتلك التعاليم ولأنني لست بصدد تقويم سلوك المجتهدين في التمسك بتعاليم السماء فأكيد تلك الفئة لا تحتاج ان يركز على سلوكها كونها ملتزمة بأيمان وجودها ، الا انني اركز على فئة اخرى لا تستطيع قوانين السماء الحنيفة ان تقوم سلوكهم فاعتقد ان اهم ما يجب ان نتعامل مع الفرد هو تطبيق القانون وهذا سبب رئيسي من اسباب بناء الانسان داخل مجتمعه .
وان افترضنا وطبقنا القانون واصبح اكثر الافراد في المجتمع ملتزمين بالقانون ويسيرون باتجاه تطبيقه فأننا الان نحتاج الى سبب اخر في تقويم سلوك الانسان داخل مجتمعه وهذا السبب هو الاكثر اهمية في بناء الاشخاص بعد تطبيق القانون ، الا وهو ثقافة المجتمع فان التركيز على ثقافة المجتمع لا يأتي الا بعد ان يتم تطبيق القانون فان المجتمع لا يمكن ان نفرض عليه الثقافة والتعليم والقراءة مالم يتم تطبيق القانون للوصول الى تطبيق الثقافة في المجتمع فمثلا قانون محو الامية الذي انقذ فئة كبيرة في المجتمع العربي ما كان لينفذ لولا ان يتم الزام المجتمع في التحاق في مراكز محو الامية فبواسطة قانون محو الامية ومن خلال القانون التحق عدد كبير من الافراد الى مراكز محو الامية ( في بعض مجتمعاتنا العربية ) .
ومن خلال القانون والثقافة يتم بناء الاسرة وبناء الاسرة هي من اهم مقومات بناء الافراد في المجتمع ولأيمكن بناء اسرة قوية مالم يكون هناك قانون يطبق من خلاله وثقافة تكتسب في المجتمع داخل سلسلة من الاجراءات التي تمنح للأسرة التحرك بين القانون والثقافة لتساهم في بناء المجتمع .
والاجدر بنا هنا ان نقف ونفكر قليلا ايهما اهم تطبيق القانون ام الثقافية في المجتمع ، اكيد سنجد ان تطبيق القانون اهم من ثقافة المجتمع لبناء المجتمع ومن بعد فان الثقافة ستقود مع القانون لبناء الاسرة ومن ثم المجتمع .
وعليه فإنني ارى ان على الجهات التشريعية في البلدان يجب ان توفير الاساليب الصحيحة في تطبيق القانون قبل تشريعه ، لان تشريع القانون لا يمكن تنفيذه مالم توجد الوسائل الصحيحة لتطبيقه واعتقد ان اي تهاون في تنفيذ القانون من قبل الادوات التي يجب ان تنفذ القانون سيحدث شرخ كبير في روح القانون وبالتالي فان هذا الامر سيؤدي بدون اي تفكير الى الضرر الفادح في المجتمع وينتقل الى البناء الاساسي في تصرف الفرد داخل اسرته ومن ثم داخل المجتمع الذي يعيش فيه ، ولكي نجد الطريق السليم لبناء الانسان في المجتمع علينا " اولا " تطبيق القانون بل علينا اولا ان نبني المنظومة الصحيحة لتطبيق القانون ليتمكن الانسان من بناء نفسه وفق القانون داحل المجتمع الصحيح ليكون بذلك ثمرة صالحه في اسرته داخل مجتمعه الكبير لبناء الوطن وفق ما يتم التنظير له والارتقاء به نحو افق العلم والاجتهاد.
.
0 التعليقات:
إرسال تعليق