لا يمثل يوسف حالة فريدة من نوعها بل إنه يتشارك في المصير نفسه مع كثير من المزارعين العراقيين في محافظة نينوى بسبب تراجع هطول الأمطار.
ومع قلة الأمطار وتراجع حجم المحاصيل إلى ما بين 25 و50 في المئة من مستويات السنوات السابقة، يتجه يوسف وكثيرون آخرون إلى زراعة الصبار كبديل للعلف الحيواني لتوفير المال وإطعام مواشيهم.
يقول يوسف «هذا الصبار… يغنيك أولاً عن المياه.. لا يحتاج ماء كثير في الزراعة، وثانيا يقلل من قيمة العلف الذي تحتاجه، حيث تستطيع أن تطعمه للأغنام والأبقار».
ويضيف «هذا يساعدني، فنحن نعلف مواشينا ثلاث مرات يومياً،أما إذا علفتها حنطة وشعير نفعل ذلك مرتين وفي المرة الثالثة أعطيها صبار».
ويمضي قائلا «السنتين الماضيتين كانت الأرض متروكة. صارت عبارة عن صحراء… كانت تنتج كلها خضار. الآن اختلف الوضع اختلف الوضع. في السنة الماضية زرعنا خسرنا مبالغ مادية كثيرة، وهذه السنة نخاف ان نزرع ونخسر لأنه لا توجد أمطار».
وعلى غرار ما حدث مع يوسف، أصبح الصبار الخيار الأخير المتبقي للمزارع ناصر حميد، الذي فقد الكثير من المال في زراعة أرضه بعوائد محدودة مقارنة بالسنوات السابقة.
يقول حميد «نثرنا البذور وخسرنا البذر والسماد ونفقات الحراثة… نتائج المحاصيل لأن الأمطار قلت».
ويضيف «نعتمد في زراعتنا على الأمطار. واعتمادنا على الأمطار كامل، إذا جاء المطر عاشت مواشينا، وإذا لم يجئ تموت من الجوع أو نبيعها للذبح. ولهذا فإن الصبار أرخص علف تزرعه وتعتني به بسهولة وتكثره، وتعمل منه مشاتل أكبر وتعطي منه لغيرك ليستفيد أكثر».
وبعد حصاد وفير في موسم 2019-2020، يعاني المزارعون العراقيون الآن من وطأة ظروف اقتصادية قاسية على نطاق واسع في نينوى بسبب الاستثمار في زراعة أراضيهم رغم قلة الأمطار.
يقول الدكتور ربيع يوسف مدير زراعة نينوى لرويترز «كانت 2019-2020 سنة خير مقارنة بالسنة التي لحقتها، حيث كان تقريبا تسويق محافظة نينوى من الحنطة بحدود المليون طن من الحنطة، في حين سنة 2020-2021 وصل إلى 89 ألف طن، فالرقم هو رقم كبير جداً طبعا. أكيد هنالك خسائر للفلاحين والمزارعين لأنه العام الماضي كثير من الفلاحين قاموا بعملية الزراعة والبذار ولكن لم يحصل عملية الإنبات خسروا بذورهم وخسروا اقتصاديا أيضا نتيجة السماد وعمليات الحراثة والبذار التي تمت».
ويضيف أنه بسبب ما مرت به المنطقة العام الماضي كثير فإن كثيراً من الفلاحين في سهل نينوى زرعوا 50% مما كانو يزرعوه سابقاً. وإذا تم سقوط الأمطار يوجد قسم من الفلاحين سوف يستكملون زراعة 100 في المئة ويوجد قسم من الفلاحين عزفوا عن الزراعة وأعطوا أراضيهم إلى مزارعين آخرين استغلوها (استأجروها) وتمت زراعة 25 أو 50 في المئة فقط».
وفي ظل هذه الأوضاع القاسية والأحوال المضطربة تخلى كثير من المزارعين عن فكرة زراعة الأراضي في موسم 2020-2021، بعدما استقر رأيهم على أن استثمار الوقت والمال في هذه العملية أصبح مغامرة محفوفة بالمخاطر في ظل الظروف الجوية الراهنة.
يقول منتقدو القيادة السياسية في العراق إن الجفاف يمكن تخفيف تبعاته بالالتجاء إلى الزارعة بالري، لكن احتياجات المزارعين في أماكن مثل نينوى تصطدم، على حد قولهم، بالتجاهل وعدم الاكتراث
الخميس، 23 ديسمبر 2021
- تعليقات بلوجر
- تعليقات الفيس بوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق