🔴تحالف مع الجلاد ضد الكرد.. 31 آب 1996 وصمة لا تُمحى في سجل بارزاني السياسي
مرت يوم امس
عة والعشرون
على واحدة من أحلك المحطات في التاريخ السياسي الكردي الحديث، والتي لا تلوث سجل الصراع من أجل الحكم الذاتي فحسب، بل تشكل وصمة عار في ذاكرة زعيم كردي فضل التحالف مع الجلاد ضد أخيه.
في 31 آب 1996، لم يتردد مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في فتح أبواب أربيل لقوات صدام حسين، مُدشناً فصلًا دامياً من الخيانة والتعامل مع النظام الذي أنزل بأبناء جلدته أبشع صنوف القمع والإبادة.
لم تكن الأحداث وليدة لحظتها، بل جاءت في سياق حرب أهلية ضروس اندلعت بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الراحل جلال الطالباني.
بدأ الصراع بشكل جدي في عام 1994 على خلفية خلافات حول سلطة وموارد حكومة إقليم كردستان الناشئة بعد انتفاضة 1991 وإنشاء "الملاذ الآمن" بموجب قرار التحالف الدولي. تحول الإقليم إلى ساحة قتال، حيث سيطر الاتحاد الوطني على السليمانية بينما بسط الديمقراطي نفوذه على أربيل ودهوك.
بحلول صيف 1996، اشتدت وطأة الحرب، ووجد بارزاني نفسه في موقف عسكري صعب بعد أن تمكنت قوات الطالباني من السيطرة على مدينة أربيل، عاصمة الإقليم. في خطوة وصفت لاحقاً بأنها "ميثاق مع الشيطان"، لجأ بارزاني إلى من كان يُعتبر العدو التاريخي للشعب الكردي، نظام صدام حسين.
وطلب حينها بارزاني بشكل مباشر الدعم العسكري من بغداد. استجاب صدام على الفور، ورأى في هذا التدخل فرصة ذهبية لكسر الحصار الدولي وإعادة إظهار نفوذه في الشمال. في 31 آب، قامت فرق من الحرس الجمهوري العراقي، مزودة بالدبابات والمدرعات، بكسر منطقة حظر الطيران المفروضة منذ عام 1991 وتقدمت بقوة نحو أربيل.
لم يكن دخول القوات العراقية مجرد مناورة عسكرية، بل كان اجتياحاً كاملاً. ساعدت قوات النظام السابق قوات بارزاني في استعادة السيطرة على أربيل، ولكن الثمن كان إنسانياً فادحاً، حيث سقط ما يقارب 5000 قتيل وآلاف الجرحى في معارك طاحنة كان معظم ضحاياها من الأكراد أنفسهم.
لكن الفصل الأكثر إثارة للاشمئزاز كان مصير المعارضين العراقيين الذين لجأوا إلى كردستان طلباً للأمان. تحت أنظار قوات بارزاني، شنت القوات العراقية والأمن التابعة له حملة مداهمات واعتقالات منهجية استهدفت مقرات "المؤتمر الوطني العراقي" بزعامة أحمد الجلبي.
واعتقال ما يزيد عن 240 من نشطاء وكوادر المعارضة، من بينهم ضباط منشقون وناشطون سياسيون، وسلموا بشكل مباشر إلى أجهزة الأمن العراقية (المخابرات أو "الاستخبارات") في بغداد.
وأُعدم العديد منهم فوراً، بينما اختفى آخرون في سجون النظام المظلمة، مثل العقيد فرحان مطر وكامل كريم البياتي.
لقد كان هذا العمل بمثابة خيانة ليس فقط للقضية الكردية، بل لأي مبدأ من مبادئ اللجوء السياسي والمعارضة للنظام الديكتاتوري. لقد قدم بارزاني رؤوس خصوم صدام على طبق من ذهب مقابل سلطة مؤقتة.
لم تتوقف علاقات التعاون عند أحداث 1996. بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، شهد إقليم كردستان، وخصوصاً المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تدفقاً كبيراً لأعضاء حزب البعث والعناصر الأمنية والعسكرية في النظام السابق الذين فروا هرباً من ملاحقة القوات الأمريكية ولاحقاً القضاء العراقي.
وتحولت مناطق مثل أربيل ودهوك إلى ملاذ آمن للعديد من العناصر والقيادات البعثية، الذين منحوا الحماية مقابل ولائهم أو أموالهم.
بارزاني استفاد من هذه العلاقة من خلال توظيف الخبرات الأمنية والعسكرية لهؤلاء البعثيين في بناء أجهزته الأمنية (الأسايش)، مستفيداً من خبراتهم في التعذيب والمراقبة، وهي نفس الأساليب التي استخدمت ضد الشعب الكردي.
يشكل هذا التناقض الصارخ أحد الأسرار المعلنة في السياسة الكردية، حيث يجد الرجل الذي تحالف مع الجلاد نفسه الآن يجير رموز ذلك الجلاد.
ذكرى 31 آب 1996 ليست مجرد حلقة في حرب أهلية، بل هي نموذج صارخ للانتهازية السياسية التي تضع السلطة فوق الدم والشرف. لقد كشفت أن بعض القادة مستعدون للتحالف مع الشيطان نفسه لتحقيق مكاسب آنية، حتى لو كان الثمن هو تسليم أرواح من التفوا تحت راية معارضة الطغيان.
التفاصيل https://t.me/abcnews_agency/89482
0 التعليقات:
إرسال تعليق