• googleplus
  • youtube


اخر الاخبار
اخبار محلية
السبت، 6 سبتمبر 2025

هل الإنسان مُدرّب على الموت؟

هل الإنسان مُدرّب على الموت؟
(أسامة السهلاني) 
الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها اثنان، وهو اليقين الذي يواجهه كل إنسان مهما اختلفت أقداره وأحلامه، لكنه في الوقت نفسه اللغز الأكبر الذي لا يتوقف العقل عن التفكير فيه. ومن هنا ينشأ السؤال: هل نحن مُدرّبون على الموت؟

منذ لحظة ولادتنا، نحن نسير في طريق ينتهي إلى النهاية الحتمية. لكن الغريب أن أغلبنا يعيش وكأنه خالد، يتشبث بالحياة، ويهرب من فكرة الموت كما لو كانت شيئاً طارئاً لا يمسّه. غير أن التأمل يكشف لنا أن الإنسان في أعماقه يتهيأ للموت بطرق خفية:
*أولها*. عبر التجارب اليومية:
كل فقدٍ نعيشه وكل وداعٍ وكل خسارةٍ، هي تمرين صغير على فكرة الفناء، حين نفقد عزيزاً أو نشهد رحيل صديق، نقترب خطوة من وعي النهاية، كأن الحياة تُعطينا دروساً متدرجة كي لا نتفاجأ باللحظة الأخيرة.
*ثانيها*. عبر الذاكرة والزمن:
التجاعيد التي ترتسم على وجوهنا تضعف الجسد بمرور السنين وتغيّر ملامح من حولنا… فكلها إشارات صامتة تقول إننا نتحرك نحو الغياب فالزمن نفسه هو أصدق مدرّب على الموت لأنه يجعلنا نلمس هشاشتنا في كل يوم يمضي.
*ثالثها*. عبر الإيمان والفكر:
الإنسان بفطرته يخلق لنفسه معنى يتجاوز الموت. فأن الدين والفلسفة والشعر جميعها محاولات لترويض فكرة الفناء لتجعل الموت انتقالاً لا انقطاعاً، رحلةً لا جداراً. هنا يتجلى التدريب الأعمق: أن نعيش وكأن الموت ليس عدواً، بل بوابة عبور.
*رابعها*. عبر المحبة والعطاء:
كل فعل خير وكل أثر نتركه وكل حب نزرعه في القلوب، هو استعداد للموت أيضاً لأن الإنسان حين يوقن أنه راحل، يبحث عن شيءٍ يبقى بعده كأنه يدرّب نفسه على قبول النهاية بسلامٍ مقابل بداية أخرى في ذاكرة من أحبوه.
*الخلاصة*
الإنسان ليس مُدرّباً على الموت بالمعنى المباشر لكنه يتهيأ له من حيث لا يشعر. كل يومٍ نعيشه هو تمرين على الوداع وكل ذكرى جميلة نحملها هي استعدادٌ لترك الحياة بلا خوف. 
التدريب الحقيقي على الموت ليس في إنكار الفناء بل في أن نعيش حياة تستحق أن تُختم كحياة مليئة بالصدق والعطاء. عندها فقط يصبح الموت امتداداً طبيعياً للحياة لا نهايتها المفجعة.
٣١ آب ٢٠٢٥
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: هل الإنسان مُدرّب على الموت؟ Description: Rating: 5 Reviewed By: وكالة بصمة للاخبار
Scroll to Top