المملكة المتحدة تقلص استخدام النقود وتتحول للتعامل الرقمي
باتت المملكة المتحدة تقترب من أن تصبح خالية من النقود وذلك بعد التحول الهائل إلى الدفع الالكتروني أو عبر المحفظة الرقمية "E Wallet" خاصة منذ بدء الجائحة، حيث انخفضت نسبة استخدام النقود سواء الورقية أو المعدنية هذا العام 2021 بمعدل 35% عن العام الماضي، ووصل حجم المدفوعات النقدية إلى أدنى مستوياته هذا العام مسجلا 17% فقط من حجم عمليات الشراء والمعاملات والمدفوعات بشكل عام في المملكة المتحدة، وحذرت العديد من المؤسسات الخيرية وعلى رأسها مؤسسة "Age UK" من صعوبة حصول فئة كبار السن على النقود نظرا لندرة ماكينات الصرف الآلي الخاصة بالبنوك بعد تحول البنوك إلى الدفع الرقمي عبر الإنترنت، ووفق أحدث احصائية بريطانية فيوجد حوالي 2.4 مليون شخص ممن تزيد أعمارهم عن 65 عاما يعتمدون على النقود في حياتهم اليومية لإتمام عمليات الشراء الخاصة بهم، ومع زيادة استخدام البريطانيين لطريقة الدفع الإلكتروني، وزيادة معاناة العديد من الفئات في الحصول على النقود، انطلقت حملة شعبية وبرلمانية لحث البنوك والشركات وأصحاب الأعمال لتوفير النقود وعودة استخدامها في المعاملات الخاصة بالشراء.بدأت قصة التوجه إلى الاستخدام بالدفع الالكتروني قبل سنوات في المملكة المتحدة، كي تتحول إلى بلد رقمي بشكل تام، مثلها مثل السويد التي تعتبر البلد الأوروبي الأول الذي يصل التعامل فيه بالدفع الرقمي 100% خلال عام 2023، ومع بدء انتشار الجائحة بدأت التحذيرات من استخدام النقود لسهولة نقل الفيروس "كوفيد 19" عبرها، مما جعل سرعة التحول إلى الدفع الرقمي عبر الهاتف او الانترنت كبيرة جدا في المملكة المتحدة، لتفادي الإصابة بالفيروس، وجاءت احصائية شركة "Link" التي تدير ماكينات الصرف الآلي في المملكة المتحدة موضحة أن هناك انخفاضا في استخدام الماكينات مع بدء الجائحة وصلت نسبته إلى 62% مقارنة بالعام الماضي، ومع بداية الإغلاق العام في البلاد أصبحت عملية الشراء الاضمن عبر الانترنت بدلا من الذهاب مباشرة للشراء باستخدام النقود، مما جعل البريطانيين يتوجهون إلى الطريقة الأكثر ضمانا في اتمام عمليات الشراء، كما ساهم أيضا في تحول أصحاب الأعمال والشركات والمتاجر إلى التعامل بالدفع الالكتروني بدلا من الدفع النقدي المباشر، مما أوجد صعوبة لفئات عديدة في المجتمع البريطاني لاستخدام هذه الطريقة في الدفع بدلا من الطريقة التقليدية في الدفع بالنقود، وساهم في زيادة هذه الصعوبات في الحصول على النقود توجه البنوك إلى غلق فروع عديدة من ماكينات الصرف الآلي والفروع البنكية في المدن البريطانية، كجزء من التحول الرقمي للبلاد، وفق أحدث إحصائية لمؤسسة "Statista" الدولية فقد وصل عدد إجمالي حسابات بطاقات الائتمان في المملكة المتحدة إلى 56.78 مليون جنيه استرليني حساب حتى مارس من العام الجاري 2021.حماية استخدام النقودومع تزايد صعوبة الحصول على النقود لإتمام عمليات الشراء في الحياة اليومية للعديد من الفئات في بريطانيا، انطلقت حملة تصدت لها هيئة البريد العامة في بريطانيا "Post Office" وعدد من أعضاء البرلمان البريطاني وجمعيات خيرية ونشطاء حقوقيين، لسهولة توفير النقود للجميع خلال حياتهم اليومية، ووقع ما يقرب من 19 ألفا و192 شخصا في بريطانيا على عريضة رسمية تطالب البنوك والشركات وأصحاب الأعمال باعتماد توسيع استخدام النقود في اتمام عمليات الشراء والبيع اليومية، بجانب حفاظ البنوك على فتح مراكز الصرف الآلي في المدن البريطانية لتسهيل الحصول على النقود، ودعا أصحاب هذه الحملة إلى سهولة توفير النقود مثل توفير الماء والكهرباء لجميع البريطانيين.الحصول على النقودوفي تصريحاته للصحفيين في لندن ذكر "نايك ريد" الرئيس التنفيذي لهيئة البريد العامة في المملكة المتحدة "PostOffice" وأحد أصحاب إطلاق الحملة، أن حرية الحصول على النقود في المملكة المتحدة ليست رفاهية بل هي ضرورة مطلقة لأسلوب حياتهم، حيث يمثل لهم الأمن والأمان في طريقة حياتهم اليومية، وحتى البقاء على قيد الحياة، ولهذا السبب هناك حاجة ملحة لتشريع قانون دائم يلزم البنوك على الاهتمام بمصالح عملائها وتوفير النقود بسهولة وفي أي وقت، وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة البريد إلى أن هناك شراكة مع البنوك والشركات وأصحاب الأعمال في بريطانيا لبناء نظام نقدي آمن ومستدام، لكنها غير ملزمة للبنوك لتوفير خدمات تقديم النقود، وأضاف قائلا إن حجم المدفوعات بالمحفظة الرقمية في تزايد يوما بعد يوم.النقود شريان الحياةومن ناحيتها ذكرت النائبة عن حزب العمال البريطاني المعارض في البرلمان وأحد أقطاب الحملة يفون فوفارجو أن البريطانيين اجبروا مع بدء الجائحة على استخدام بطاقات الائتمان والتحويلات البنكية والدفع الرقمي، لكن لا يزال هناك ملايين من البريطانيين يستخدمون النقود بشكل يومي، ومن الخطأ أن يرفض أصحاب الأعمال والمتاجر والحكومة قبول استخدام النقود كوسيلة تقليدية في الدفع، وأضافت النائبة البرلمانية أنه مع بداية الحملة وعد ما يقرب من 200 من تجار التجزئة قبول استخدام النقود لكن بشكل ودي وليس ملزما، أما النائب البرلماني عن حزب الاحرار الديمقراطيين في البرلمان "جامي ستون" وأحد أقطاب الحملة فذكر في تصريحه للصحفيين أنه ليس من المبالغة القول إن النقود هي شريان الحياة لملايين من الناس وهي أداة حيوية لتحديد حجم الميزانية اليومية للفرد، مضيفا أن هناك تجار تجزئة وأصحاب أعمال يرفضون استخدام النقد لاتمام عملية الشراء، تحت دعاوى تطوير الآلية الرقمية وتطوير مستوى البيع والشراء، مؤكدا أنه ليس جيدا أن ترفض استخدام النقود مقابل شراء لتر من الحليب، ويسعى النشطاء في الحملة إلى إصدار قوانين لحماية الوصول إلى النقود والتي وعد بها وزير الخزانة البريطاني "ريشي سوناك" في مارس من العام الماضي ويجب أن تنفذ بشكل عاجل، كما يحث النشطاء في الحملة المتاجر وأصحاب الأعمال على البدء في قبول النقود بأنواعها مرة أخرى لاتمام عمليات الشراء والبيع اليومية وذلك لمساعدة الملايين الذين يعتمدون على استخدام النقود بشكل يومي، وفي تصريح للمتحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية ذكر فيه أن الوزارة تشرع في تطبيق المرحلة التالية لتشريع حماية الوصول إلى النقود للذين هم في حاجة إليه بشكل يومي.إيجابيات وسلبيات الدفع الرقمييعتبر نظام الدفع الالكتروني أو المحفظة الرقمية "E Wallet" من أحدث النظم الرقمية في إتمام عمليات البيع والشراء وتقديم الخدمات، لكن هذه الطريقة لديها ايجابيات وسلبيات، في مقدمة الايجابيات تأتي تأمين عملية الدفع والبعد عن مخاطر فقد النقود، بجانب اعتماد ميزانيات محددة عبر الإنترنت وفق ظروف كل فرد وتحديد حجم الإنفاق وتوفير جانب من النقود، وهناك الدقة الكاملة في معرفة كل قرش أين ذهب وما تبقى من النقود، مما يمنع تبديد النقود وهذا غير متوفر في النقود الملموسة، ووفق احصائية أمريكية فيفقد ما يقرب من 62 مليون دولار من الاقتصاد الأمريكي كل عام بسبب ما تبقى من قروش صغيرة من النقود، أما الإيجابية الهامة هي الاستدامة وحماية البيئة، حيث النقود يستخدم في تصنيعها النحاس والنيكل والورق والزنك وغيرها من المواد لتصنيع النقود سواء الورقية أو المعدنية بجانب ماكينات الصرف الآلي وحمايتها من السرقة، أما التحويلات الرقمية والبنكية لا تستخدم كل هذه الأشياء فهي نظيفة للبيئة تماما، ومن حيث تأمين مدخرات الأفراد يمكن للتحويلات الرقمية معرفة أي عملية سحب للحساب وتتبعه وعدم الإفلات من العقاب بجانب تحديد قدرات الأشخاص وطريقة تعاملهم مع المعاملات البنكية، أما من سلبيات التعامل الرقمي في المعاملات المالية يوجد خسارة كبيرة تترتب عليها حيث هناك العديد من فئات المجتمع تعتمد في حياتها اليومية على استخدام النقود، كي يدر على نفسه جانبا من المال مثل العاملين في قطاع الضيافة، كما تعاني قطاعات مثلها مثل المهاجرين الذين يعتمدون على النقود في معاملاتهم اليومية وليس لديهم أي حسابات بنكية، بجانب المشردين والأكثر احتياجا وليس لديهم أي حسابات بنكية يحتاجون إلى اتمام معاملاتهم باستخدام النقود، وهذه الفئات يستخدمون جانبا من حجم المعاملات اليومية يفقدها السوق الرقمي لأنها خارج منظومة السوق الرقمي، ويرى العديد من الاقتصاديين أن استخدام الدفع الرقمي يساهم في زيادة الإنفاق العام لأفراد ويشجع الأفراد على الانفاق بشكل زائد عبر بطاقات الائتمان.
0 التعليقات:
إرسال تعليق