وباحتساب الانزلاق السنوي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.6 في المئة، ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار الدواجن بنسبة 23.3 في المئة، وأسعار زيت الزيتون بنسبة 21.8 في المئة، وأسعار البيض بنسبة 15.5 في المئة، وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 16.7 في المئة، وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 10.8 في المئة، وأسعار الأسماك الطازجة بنسبة تسعة في المئة، كما شهدت أسعار المواد المصنعة ارتفاعاً بنسبة 7.6 في المئة، وقفزت أسعار المواد الصيدلية بنسبة 5.7 في المئة، وأسعار مواد البناء بنسبة 14 في المئة، وارتفعت أسعار المواد الحرة بنسبة 6.7 في المئة مقابل 6.5 في المئة بالنسبة إلى المواد المؤطرة، مع العلم أن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 8.3 في المئة، مقابل أربعة في المئة بالنسبة إلى المواد الغذائية المؤطرة.
الحرب والأزمة المالية
وقال الهادي بكور رئيس غرفة أصحاب المساحات التجارية الكبرى في تونس (هيكل نقابي مستقل) إن موجة ارتفاع الأسعار ستشمل كل المواد والقطاعات، وفسر ذلك بتأثير الحرب في أوكرانيا على أسعار المحروقات والنقل البحري والمواد الأولية في الأسواق العالمية، مشيراً إلى أنه لا يمكن التكهن بنسب ارتفاع أسعار البترول، وبالتالي لا يمكن التكهن بمدى ارتفاع سعر باقي السلع ومدى توفرها، بينما رأى منير حسين عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن ندرة بعض السلع وبخاصة منها المواد الغذائية وارتفاع أسعارها تعود بالأساس إلى وضعية المالية العمومية والأزمة التي تشهدها.
ويرتبط توفير جزء كبير من المواد الغذائية، وبالتحديد المواد المرتبطة بالحبوب والقمح بديوان الحبوب الحكومي، وهو يمر بأزمة مالية، ويشكو من المديونية المستفحلة، وزادت ديونه على ثلاثة مليارات دينار (مليار دولار)، وعجز عن الاقتراض من "البنك الوطني الفلاحي" بسبب تخطي حجم ديونه 22 في المئة من مدخرات البنك، ما أدى إلى تعطل عملية التزويد بالقمح في السوق المحلية بحكم تأخر التوريد بسبب الصعوبات المالية التي يعانيها المورد بالأساس وهو الديوان.
وينطبق الإشكال نفسه على سلع مختلفة مثل الزيوت النباتية والقهوة والأرز التي يكلف ديوان التجارة (حكومي) بتوريدها، والحال أن المالية العمومية تواجه صعوبات، فموازنة 2022 تشكو عجزاً قدره 9.3 مليار دينار 3.2 (مليار دولار)، واتجهت الحكومة إلى الضغط على التوريد للحد من المصاريف ونزيف العملة الصعبة، بعد أن تم توجيه انتقادات حادة إلى ما أطلق عليه لوبيات التوريد التي أغرقت السوق المحلية بالسلع غير الأساسية والمستنزفة لمخزون العملات.
وبالتالي، يؤثر حالياً شح السيولة على عملية التوريد، وكان من المفترض ترشيد التوريد بالحد من استقدام السلع المصنفة من الكماليات، لكن يبدو أن دائرة تقليص الواردات اتسعت إلى المواد الأساسية مثل الأغذية والأسمدة الفلاحية وبعض قطع الغيار والمواد الأولية الضرورية لدى المنتجين المحليين، وهذا يعكس السياسة المالية المنتهجة وهي إعطاء الأولوية لتسديد الديون على حساب التزود بالسلع من الأسواق العالمية، وهي خيارات موجعة بدأت تتجلى نتائجها بالسوق المحلية التي تعاني نقصاً في بعض المواد الأساسية تصل في بعض الأحيان إلى الأدوية.
كما يزيد تهريب المواد المدعمة إلى الأسواق المجاورة وهي الليبية والجزائرية من استفحال النقص الحاصل بالسوق المحلية، وهي تجارة خطيرة مربحة لشبكات التهريب التي عجزت الدولة التونسية عن القضاء عليها كلياً، بينما أشار لطفي الرياحي رئيس منظمة إرشاد المستهلك إلى توفر المخزون الاستراتيجي وعدم تسجيل نقص في الإمداد من المواد الأساسية، وراقبت المنظمة عمليات التزويد بالعديد من المناطق، لكن يتسبب الإقبال المتزايد والمتنامي يومياً في نقص فادح في بعض المواد نتيجة توجس التونسيين من الآثار المرتقبة للحرب في أوكرانيا بخاصة قبل أيام من موسم الاستهلاك للعائلات التونسية وهو شهر رمضان، ويحرك الخوف عملية العرض والطلب، ويتسبب في تزايد الطلب على حساب السلع المعروضة بانتظام من قبل وزارة التجارة، ما يؤدي حتماً إلى النقص حيث تحول المستهلكون في حد ذاتهم إلى مضاربين، بقيامهم بعمليات تخزين للمواد الغذائية خوفاً من توقف تدفق الحبوب والزيوت النباتية، من أبرز مزودي تونس بهذه الواردات وهما أوكرانيا وروسيا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق