مناقشة اقتصادية بشأن جدوى التغيير السابق لسعر الصرف :
اثار التغيير السابق ، وهل التغيير الحالي يشكل مخاطر اقتصادية ؟؟
اقدمت حكومة الكاظمي في نهاية سنة ٢٠٢٠ على تغيير سعر الصرف واستندت على عدة مبررات منها :
- التغيير يرفد خزينة الحكومة بالاموال
- التغيير يحسن الفرص التنافسية الصناعية المحلية
- التغيير يحجم من الاستيرادات ( يقلل من مبيعات البنك المركزي )
ان مفهوم التلاعب بسعر الصرف لارفاد ميزانية الدولة هو افتراض غير دقيق ، لكون الحسابات الحقيقية لاقتصاد الدولة ترتبط بميزانها التجاري ( وميزان مدفوعاتها )
بمعنى أخر ، ما تحتاجه دولة ما من انفاق بالعملة الصعبة هو الاساس في احتساب الجدوى الاقتصادية .
المخطط ادناه يوضح ايرادات الدولة ( الدولارية ) السنوية للسنوات ( ٢٠١٨ - ٢٠٢٢ ) باللون الازرق ، ويتضمن مدفوعات الدولة الكلية باللون الاحمر ( كلاهما بالدولار )
** ( على افتراض مبيعات البنك المركزي تمثل مدفوعات العراق الكلية للسلع والخدمات )
ويظهر من خلال الجدول ان جميع السنوات المذكوره كانت الايرادات اعلى بكثير من الانفاق باستثناء سنة ٢٠٢٠ التي اضطرت الحكومة لاقتضاب جزء من احتياطي البنك المركزي لغرض تسديد المدفوعات ، وهذا ما دفعها لتغيير سعر الصرف ، في حين هناك طرق أخرى للسيطرة على النزيف او تداركه ، او حتى تحميل الاحتياطي جزء من الازمة وتوليه جزء من مسؤوليته كونه احتياطي ازمات وداعم للعملة المحلية .
ايضا يظهر الجدول ثبات ( المدفوعات العراقية ) بين ٤٠ - ٥٠ مليار دولار ، وقرار تغيير سعر الصرف لم يقدم تغيير في المدفوعات العراقية
بمعنى أخر حتى لو استمرت الازمة الصحية في ٢٠٢٠ وما بعدها ، واستمرار انخفاض اسعار النفط ومحددات انتاجه ، لن تستطع الحكومة والبنك المركزي تلافيها بمجرد اجراء التغيير بسعر الصرف ، لكون معدلات المدفوعات العراقية ثابتة تقريبا حتى ما بعد التغيير ( اهملنا زيادة المدفوعات لسنة ٢٠٢٢ ) .
اضف الى ذلك ، ساهم التغيير السابق بكلف اجتماعية جديدة ، فقد تصاعدت نسب الفقر الى ٢٥٪ لسنة ٢٠٢٢ ( احصائات رسمية ) وهي الاعلى منذ ٢٠ سنة تقريبا
وارتفعت نسبة البطالة الى ١٦.٥٪ لسنة ٢٠٢٢ ( احصائات رسمية ) وهي الاعلى منذ ٢٠ سنة .
** ملاحظة : النسبتان اعلاه هما الاعلى خلال ٢٠ سنة ، باستثناء سنتي ٢٠١٤ سنة النزوح ، وسنة ٢٠٢٠ سنة القيود الاجتماعية
تعامل ( بعض السياسيين والاقتصاديين ) على فرضية ( النقد المعروض ) من البنك المركزي بطريقة ضرب ( سعر الصرف بكميات الدولارات ) وهو تعامل يفرغ السياسة النقدية من محتواها ويصور لنا ان البنك المركزي لا يعدو كونه ( محل صرافة ) وهذا افتراض خاطئ وظالم بحق السياسة النقدية ومؤسسة البنك المركزي .
الخلاصة :
لكل ما ورد في اعلاه فان سياسة تغيير سعر الصرف السابقة ( ١٤٧٠ ) لم تترك اثر على ميزان المدفوعات للدولة ، فقط استمر ميزان المدفوعات ضمن معدلاته ، ولم يساهم في تخفيضه ، ولو أستمرت الازمة المالية لما بعد ٢٠٢٠ لاتضح فشل تلك السياسة ، وان كل ما جرى ، هو اعادة ( معادلة توزيع الثروة) لتنتقل الاموال من طرف الى أخر ، ساهمت برفع نسب الفقر الى معدلات قياسية وانهكت الاعمال متسببة بزيادة واضحة في نسب البطالة .
وكان من الممكن تلافي الازمة عبر اجراءات أخرى ، لا تعتمد التغيير في سعر الصرف ، اجراءات تحجم الاستيراد الخارجي للمحافظة على الاحتياطات ، وتعزز من النقد الذي تحتاجه الحكومة عبر ادوات السياسة النقدية المتعددة .
نبيل جبار التميمي
باحث ومحلل بالشأن السياسي والاقتصادي
0 التعليقات:
إرسال تعليق