إعداد / عامر عبدالعزيز
ونحن نبحث عن بدايات الاشياء التي ترتبط بطعام الإنسان اليومي و الموسمي و كيفية استخدام الطريقة الأمثل التي يمكن من خلالها الاحتفاظ بالطعام والشراب لأطول مدة ممكنة ، والإستفادة من وفرة الإنتاج الزراعي والحيواني ، بعد أن لاحظ الإنسان ومنذ القدم تعاقب الفصول ، الاستفادة من إنتاجه الزراعي في طعامه ، فالإنسان الذي يعيش في منطقة معينه لا يتسنى له مهما كان جاهدا في فلاحة الأرض لتأمين الغذاء .
و مع تغيير المواسم اخذ الإنسان القديم التفكير ، في كيفية خزن طعامه ، وعليه أن يستفد من تجربة النمل و ما يصنعه في عملية خزن طعامه ، حتى لا يكون تحت رحمة الطبيعه وتقلباتها .
* من تجفيف الغذاء إلى المعلبات ...
تعد طريقة تجفيف الطعام وحفظه اقدم طريقة استخدمتها الشعوب التي كانت تعيش على الفطرة فقد عرفتها ذلك ،فالهنود الحمر كانوا يجففون الحبوب والسمك و الفاكهة ، كما فعلت شعوب حضارات العرب القديمه في تجفيف اللحوم والخضار ، فيما عرف سكان المناطق الباردة طريقة حفظ الطعام بتثليجه ، حيث تيسرت لهم الضروف بحفظ اللحوم في الماء المثلج أو في جوف الأرض ، أما في المناطق الحارة فقد اكتشف الإنسان أن اللحوم المطبوخة لا تتعفن بسرعة كاللحوم النيه .
من هنا بدأت سلسلة طويلة من الأفكار و التجارب لحفظ الطعام ، تجارب مرت عليها قرون انتهت بابتكار علبة الصفيح ( العلبة المعدنية ) التي بين أيدينا اليوم ..
رغم أن هذا ليس بالشئ الجديد على البشرية فقد وجد الطعام محفوظا بين مخلفات كثير من شعوب الحضارات القديمة كالبابليين و المصريين وغيرهم ،فقد اكتشف الباحثون في جزيرة كريت من جزر البحر الأبيض بقايا قصر قديم يرجع تاريخه إلى ألفي سنة قبل الميلاد وفي مخازن هذا القصر الأرضية وجدوا جرارا فخارية عظيمة أحكم قفلها أعدت لحفظ الطعام .
تعود بداية قصة اختراع علبة الصفيح إلى أكثر من مئة عام عندما قرر نابليون بونابرت التبرع بمكافأة مالية قدرها 12,000 فرانك فرنسي للشخص الذي يبتكر آنية يمكن أن يحفظ فيها الطعام أثناء الحروب .
وعن لماذا علبه الصفيح في حفظ الطعام و السر في نجاح علبة الصفيح في حفظ الطعام هو إحكام قفلها وحجزها عن التأثيرات الجوية الخارجية.
مبلغ الأثني عشر ألف فرنك التي وهبها مكافأة لهذا الابتكار لم تكن بالمبلغ الهين في تلك الأيام، إذ أنها أثارت ضجة في فرنسا جعلت التنافس عظيما بين صانعي الخبز وبين مقطري الخمور وغيرهم لاكتشاف طريقة لحفظ الطعام. وبقي هذا المال معلقا اثنتي عشرة عام حتى استحقه صانع للحلوى يدعى «أبيرت» كرس حياته لحل هذه المعضلة .
و إن كان ذلك يبدو سهلا بسيطا ، إلا أنه احتاج إلى سنين طويلة وإلى رجل مثل أبيرت راح يجرب أنواع الأطعمة المختلفة ودرجات الحرارة المختلفة وأنواع الآنية العديدة، أخذ يجرب خلال النسين الطويلة حتى وثق من أنه في الطريق إلى هدفه.
و مع ذلك لم يكف ألبيرت عن العمل بعد أن كسب هذا المبلغ الكبير، بل واصل العمل بجد من اجل تحسين اكتشافه حتى نفذ المال الذي اكتسبه نتيجة تلك التجارب و مات في ضيق .
و من حسن الحظ أن الحكومة الفرنسية قامت بنشر طريقة أبيرت حين منحته المكافأة. وهذه الطريقة لا تختلف كثيرا عما نقوم به في مصانع حفظ الطعام الكبرى اليوم وهي التي تغمر بمنتجاتها أرجاء الأرض، والتي تحفظ في علب الصفيح ألوان الأطعمة شهورا وسنين.
أما أبيرت فلم يحفظ الطعام في علبة من الصفيح إذ أنها كانت مجهولة في أيامه، ولكنه كان يستخدم آنية من الزجاج والخزف، وذلك بوضع أنواع الطعام في ماء ترتفع درجة حرارته إلى الغليان ثم يحكم اغلاقها.
** مرت صناعة تعليب الأغذية بمراحل تطور يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
من عام 1851-1900 طُور المعقِّم المحسن، واستعمل التبريد المفاجئ بعد المعاملة الحرارية لدعم التعقيم وقتل الأحياء الدقيقة المقاومة للحرارة.
من عام 1901-1950م، وهي مرحلة شهدت تطوراً سريعاً في صناعة التعليب، فاستعملت علبة الصفيح الصحية، واستخدم القفل المزدوج. أما أبرز ما وضح في هذه المرحلة فهو السيطرة على البكتريا المطثية الوشيقية Clostridium botulinum وقتلها في المعلبات، وكشف العلاقة بين الباهاء (الأس الهدروجيني) pH والأغذية، وتصنيف الأغذية المعلبة بموجبها إلى أغذية حامضية وأغذية منخفضة الحموضة، وحدد لكل من الصنفين طرائق تعقيم خاصة. ومن الإنجازات المهمة التي تمت في هذه المرحلة ابتكار طرائق رياضية عملية لحساب الحرارة والزمن اللازمين لتعقيم الأغذية، وبذلك يستغنى عن المحاولات التجريبية التي تعتمد على الخطأ والصواب لمعرفة الشروط المناسبة للمعاملات الحرارية لتعقيم الأغذية.
بعد عام 1950م: اتصفت هذه المرحلة بتطوير تقانات كل نوع من أنواع التعقيم وطرائقه، إضافة إلى تطوير أواني التعبئة، فاستعمل المعقم المائي الساكن hydrostatic retortor والمعقم المائي المغلق. وطورت طريقة التعقيم المحمي للسوائل في السويد. وفي سبعينات القرن العشرين استعملت الأكياس المرنة القابلة للتعقيم sterilizable pouch لتعليب الأغذية المنخفضة الحموضة، وهي أكياس مصنوعة من مادة لدنة بلاستيكية على طبقات بينها طبقة رقيقة من الألمنيوم وتقفل بالحرارة، وقد استعملها رواد الفضاء. ويضاف إلى ذلك استعمال الأطباق القابلة للتعقيم retortable trays.
0 التعليقات:
إرسال تعليق